زلة لسان أم…زهايمـر…!!!

من النكت الرائجة عن الصحفى المصرى حسنين هيكل أنه لا يروي تخاريفه إلا بعـد موت جميع شهودها ، حتى لا يتسنى لأحـد تكذيبـه ،وكان من ضمن تخاريفه أن السادات أعد بنفسه فنجان قهوة لعبد الناصر قبل وفاته بأيام قليلةو ذلك بحضور هيكل شخصيا ، وأنه على رأى هيكل أن السادات ربما دس السم فى  فنجان  عبد الناصر … عجب والله ..!! …ولا ننسى أيضا تخاريفه بأنه كان على علم بمن قاد إنقلاب صبيحة الأول من سبتمبر فى ليبيا عام 1969 إضافة إلى أن قادة الانقلاب طلبو حضوره شخصيا الى بنغازي ليلتقى بهم  .. وهذا التخريف يتناقض تماماً مع ما اعلن من أن “هيكل” عندما وصل الى مطار بنغازي سأل مستقبليه عقب نزوله مباشرة من سلم الطائرة : ” فين السيد عبدالعزيز باشا …..؟؟؟ “.. يقصد العقيد عبدالعزيز الشلحي الذي كان خلال وصوله رهن الاعتقال من قبل قادة الانقلاب  .

و الصحفى المصرى حسنين هيكـل الذى ولـد عـام 1923 كان قد انخـرط فى العمـل الصحفى منذ عام 1942 وبنى شهرته الإعلامية مستغلا  قربه وتقربه من مراكز السلطة و أصحاب القـرار فى عهد عبد الناصر ، وظـل متمتعا بهذه الميزة طوال فترة حكم الرئيس جمال عبد الناصر بل كان أكثر من ذلك يتدخـل حتى فى صياغة القـرار السياسى المصرى عندما كان وزيرا للثقافة ورئيسا لـدار الأهرام المصرية فى نفس الوقت ..

غير أنه فى الآونه الأخيرة بسبب كبر سنه وبسبب بعـده عـن دائرة الضوء السياسى ومراكـز اتخـاذ القـرار  فى مصر اللتان ابتدأت تظهـر على الرجـل أعراض  التخريف واخـذ فى بعض مقابلاته او مقالاته يخريط ويتخبط فى  أفكاره وتحليلاته التى كانت قد فقدت ذلك الدعـم اللوجستى أو الرسمى  الذي كان يتمتع به  فى احضان القيادة المصرية وذلك فى عرضه للاحداث التى عاصرها كشاهد على العصر أو تلك التى كان يصول ويجول فيها بقلمه ومقترحاته .

وآخـر شطحاته  او تخاريفه ضمن هذا السياق ظهرت لنا فى لقـاء له مبرج مسبقا على قناة ” ىسى بى سى المصرية ” تحت مسمى مصر إلى أين …؟؟؟ …حيث تحـدث مطولا عن معمر القذافى… واصفا اياه بانه انسان  حالم  ومتخلف لم يكن قـادرا على استيعاب الواقع  المحيط به ، وذكر لكى يبرهن على تخريفه العبطى  بأن القذافي في حفـل عشاء  كان قد اقيم على شرفه في قصر الرئيس في مصر  أمتنع عن أكل الجمبرى على أساس انه غير مذبوح .. ولا أدرى مدى صحـة وواقعية هذه التشنيعه من السيد هيكل على القذافى الذى مات وانتهى عهـده … وأعتقد ان السيد هيكل اراد من وراء ذكر هذه التشنيعه إضفاء نوع من المصداقية على ما كان يرويه من أحداث … علما بأنى أشك فى صدق رواية السيد هيكل و أنفى أن يكون الحدث كما أورده قد حدث بتلك الصورة التى حاول ان يروج لها … واعتقد جازما ان القذافى حتي وان قالها  اثناء ذلك العشاء فعلا فقد قالها فقط من باب التنكيت والمزاح ليس الا … محاولا ان يجارى المصريين فى قفشاتهم وفى روحهم المرحة … وكانت هذه التشنيعه على القذافي مقبولة من السيد هيكل لو أوضح بأمانة وصدق انها قيلت من باب المزاح والتنكيت لا ان يربطها بتخلف القذافى او عـدم استيعابه للواقع  .

و السيد هيكل يعرف جيدا ان القذافى الذى بصمه بالتخلف كان يملك عقل استطاع ان يجرجـر به الآف من الاذكياء والمثقفين من السياسيين المصريين وبما فيهم هيكل شخصيا الى دائرة نفوذه وهيمنته خلال فترة حكمه ….!!!!

وقال السيد هيكل ايضا من ضمن ما قاله انه لايوجد سياسي أوربي غربي لم يستلم نقـود من القـذافي الذى أهـدر الاموال الليبية بشكل لم تستفيد منه ليبيا ولا شعبها … ولكن السؤال الذى يطرح نفسه لماذا قصر السيد هيكل بعزقة القذافى لأموال ليبيا على الساسة الأوروبيين والغربيين فقط ….؟؟ وهل فاته أو تناسى عن قصد او عن حسن نية أنه ما من سياسى او إعلامى عربى أو افريقى الاا ونالـه نصيب من هذه الأموال التى بعثرت ، والتى حرم من الاستفادة منها الشعب الليبى طيلة 40 عاما ….!!!


ثم تحدث السيد هيكل عن الثورة الليبية … ثورة 17 فبراير … وقال ان الشعب الليبي “غير ناضج ” للقيام بثورة مثل ما قام بها التوانسة أو المصريين…وياللعجب .! ولماذا يا استاذ هيكل هـذا الوصف السىء البذىء لنا .. ؟؟ أما كان الأحـرى بك وانت الصحفى اللامع المجامل الذى يتلاعب بالألفاظ والجمل إختيار لفظ أقـل قساوة على شعبنا العظيم ، ونحـن الذين كان يضرب بنا المثل من قبل زعماء دول متحضرة بان شعبنا وحكوماتنا المتعاقبة أبان العهـد الملكى من أنظم الشعوب فى العالم العربى من حيث النضج والكفاءة والنزاهة ولا يقارن شعبنا على الاطلاق بحكومات العسكرتاريا التى حكمت مصر منذ عهد ثورة 23 يوليو فى مصر…. والتى أقتدى بها العديد من النظم الدكتاتورية فى العالم العربى ومن ضمنهم ليبيا

وما تشهـده اليوم الساحة الليبية من صراع سياسى أو ايدولجى انما هو نفس ما يحدث فى مصر وتونس وهو نتاج طبيعى لكل الثورات التى تنجح فى اجتثاث جذور التخلف والــذل والمسكنة …وأن انتشار السلاح بين الفئات المتنافسة فى ليبيا فعلا شكل مشكلةعويصه تواجهها الادارة الليبية الجديدة وهى مشكلة لم  تواجهها مصر ولا تونس ونتعامل معها بتحضر وديموقراطية للتخفيف من آثارها السيئة محليا ودوليا .. علما بانه لو انتشر مثل هذا السلاح فى كل من مصر وتونس لكانت المشكلة لدىهما اسوأ بكثير مما يجرى الآن فى ليبيا غير ان وعى ونضج المواطن الليبى خفف كثيرا من تردى الأوضاع إلى ماهو أسـوأ.

غير أن ما يثير الدهشة في حديث السيد هيكل العجـوز الذى قـارب على التسعينات من عمره ما يمكن ان نعتبره زلـة لسان عندما قـال وبالحـرف الواحـد ” فى حالـة تقسيـم ليبيـا وانفصال منطقة برقـه فـإن مصر لا تملك حاليا جيش قـوى تستطيع به إسترداد برقـه ” والسؤال للسيد هيكل إستردادها … ممن …. ولصالح من ….؟؟ وما دخل الجيش المصرى القـوى …. فى هذه الفزورة … ؟؟….

 

وهذه الجملة ” استرداد ” هى التى جعلتنى فى بداية مقـالى هذا أجـزم بـأن هيكل الصحفى المصرى اللامع بالتأكيد ( إذا لم تكن تخريفته هذه زلة لسان فهى بلا شكعلى ان الرجل وقع ضحية لمرض الزهايمر متناسيا ان ليبيا اذا ما سرنا على هذا المنوال يصبح من حقها ايضا  استرداد امرسى مطروح وواحة سيوة اللتان كانتا جـزء من اراضيها ثـم أقتطعتا من قبل الفلول الإستعمارية عبر اتفاقات ثنائية بين دول المحور والحلفاء لتضافا الى الاراضى المصرية وليس العكس كما أدعى هيكل أن منطقة برقـة قـد أقتطعت من الاراضى المصرية ويرى استردادها …ومثل هذه الزلة من السيد هيكل يجب ألا تمر على المسؤولين الليبيين مر الكرام اذ ان هناك من يحرك مثل هذ التوجه فى السياسة المصرية مدفـوعين مـن قبـل فلول وأعـوان النظام الليبى السابق فى مصر الذين  للاسف يسهمون الآن وبدرجة كبيرة فى ترويع سكان منطقة برقـة وفى توسيع رقعـة الخـلافات بين البلديـن والشعبين الشقيقين .

ولعـل ما تـم الكشف عنه مؤخـرا عن وجود نهـر مائى يجـرى تحت الارض الليبية فى منطقة برقـه منحدرا تحت اراضى الصحراء الليبية قادما من جمهوريتى تشـاد والنيجـر مخترقا ايضا الاراضى المصرية متجها  لشواطىء البحـر المتوسط قـد أثـار لعاب السيد هيكل لكـى يركـز على كلمة استرداد منطقة برقة لمصر …. والتى نرجـوان تكون مجرد زلــة لسان فقـــط لاغير .

About Ashour 66 Articles
A Libyan Carrier Diplomat - Writer & Journalist